لمحة عن المشروع قانون القومية

نشأ مشروع “أبناء المكان – حوار وجهًا لوجه” بمبادرة من جبعات حبيبه وصندوق فريدريش إيبرت في إسرائيل عام 2019 بغية الوصول إلى أوساط موجودة في مركز المجتمع اليهودي في إسرائيل والذين لم يكرسوا الوقت للتفكير بتأثير قانون القومية وتداعياته على المواطنات والمواطنين العرب وعلى المجتمع الإسرائيلي عمومًا.
عرضنا محادثات مصوّرة أُجريت وجهًا لوجه مع مواطنين ومواطنات عرب من مجالات مهنية مختلفة ومنخرطين في المجتمع الإسرائيلي. كان من المهم بالنسبة لنا إشراك الجمهور في إسرائيل بمشاعر الأشخاص الذين أُجريت معهم اللقاءات؛ إزاء القانون. لم نعرض أي حلول فعلية، بل حاولنا اثارة اهتمام وخطاب حول الموضوع، على أمل الدفع نحو فهم إشكاليات القانون وتأثيره على المواطنين في الدولة.

كلمة محمد دراوشة – مدير مجال التخطيط، المساواة والحياة المُشتركة في جبعات حبيبة
“استلهمت عنوان هذا المشروع من كتاب قام بتأليفه كل من د. سارة أوستسكي – لازر والصحفي يوآف شطيرن. يحتوي الكتاب على مجموعة لقاءات أجرياها مع عدد من المواطنين العرب الذين أُجريت معهم لقاءات قبل ذلك بـ 25 سنة لكتاب دافيد غروسمان “حاضرون غائبون”. كان الهدف من الكتابين هو تأكيد حضور المواطن العربي العادي، وليس المُتصوَر، أمام المجتمع اليهودي، والتحاور بشكل منفتح ومباشر.
شعرت على إثر طرح قانون القومية بالحاجة للتحدث مع الجمهور اليهودي بشكل شخصي عن الموضوع، وألا أترك الحوار في هذا الموضوع فقط بين أيدي السياسيين، الذين يحسنون الإنكار ويقودوننا الى مزيد من الاستقطاب بين المجتمعين.
ذاك القانون الذي يحجب عنا مجال رؤية أفق المساواة المدنية بين اليهود والعرب ويشرعن التمييز الاجتماعي الاقتصادي يناقض الوعد الذي أُعطي من قبل جيل المؤسسين للجيل الأول من المواطنات والمواطنين العرب وهو بأن هذه الدولة ستكون دولة قائمة على المساواة والديمقراطية. نقصد بهذا المشروع أن ندير حوارًا والذي هو ناقص جدا في نسيج العلاقات بين اليهود والعرب في الدولة، حوار يُظهر الانسان الذي يريد أن يعيش في وطنه بسلام ومساواة، باحترام وبتقدير ذاتي ومتبادل. أردت أن تتعرفوا علينا أكثر – نحن، المواطنات والمواطنين العرب الذين نتوق لحياة مبنية على مصالح مُشتركة، حوار صريح، والرغبة بأن نعيش معًا. أردت أن نتحدث عن المعوقات التي تحول دون تحقيق هذا الطموح، والتي كثير منها ينعكس بالمنطق والتوجه الذي أدى إلى ولادة قانون القومية. لستم/ن ملزمين/ات بقبول المواقف والمقولات ولكن افتحوا قلوبكم وعقولكم ولو لبضع ثواني فقط للتعرف علينا.

كلمة يانيف ساغي، مدير عام جبعات حبيبة بين السنوات 2013 – 2021:

تمر علينا في هذه الأيام ذكرى سن قانون الأساس ” قانون الدولة القومية لليهود في إسرائيل “. جبعات حبيبة – المركز لمجتمع مُشترك قائم على المساواة في إسرائيل يرى بهذا القانون إضرارًا كبيرًا بمحاولة بناء مُجتمع مُشترك هنا قائم على المساواة بين المواطنين الإسرائيليين اليهود والعرب. يشمل قانون القومية عدة مكونات تُعمق عمليات التمييز والإقصاء التي تعاني منها الأقلية العربية في إسرائيل. يهدف القانون الى أن يُتيح للمحاكم تفضيل الهوية اليهودية للدولة على نظامها الديمقراطي في الأحكام التي يحدث فيها تضارب بين هذين التوجهين.
برأيي، بقبول الكنيست لهذا القانون تكون قد قررت أن تحيد عن روح وثيقة الاستقلال وأن تعيد تصميم طابع دولة إسرائيل كدولة يهودية والتي طابعها الديمقراطي يُعتبر ثانويًا مقابل طابعها اليهودي. في قانون القومية ينقص عنصر هام جدا موجود في وثيقة الاستقلال وهو – الإشارة الواضحة لمواطنة كاملة قائمة على المساواة – كأساس للحق بالمساواة، لكل المواطنين، بما فيها الأقلية العربية.
إن غياب ذكر هذا الأمر ينقل رسالة مواطنة لا مساواة فيها بين اليهود وغير اليهود. يمس القانون بشكل كبير بمن هم ليسوا يهودًا، وتحديدًا بالمجتمع العربي. من شأن هذا القانون أن يدفع بغالبية العرب الإسرائيليين إلى عدم المشاركة بإجراءات ديمقراطية في إسرائيل. وهذا الأمر بمثابة دق آخر مسمار في نعش الديمقراطية الإسرائيلية.
الديمقراطية التي فيها خمس المواطنين لا يشاركون بالانتخابات نتيجة للتمييز ضدهم – لا تستحق أن تُسمى ديمقراطية. لا زالت جبعات حبيبة تواصل العمل بكل قوتها من أجل خلق مُجتمع مُشترك قائم على المساواة في إسرائيل. رأينا في العام الماضي كيف بدأ قانون القومية بزعزعة شعور انتماء وارتباط المواطنين العرب في إسرائيل بالمنظومة الديمقراطية للحكم في إسرائيل.
رأينا كيف يؤثر القانون على الجيل الشاب المشارك في برامجنا التربوية، رأينا التأثير الأولي على الحيز العام المُشترك. نحن لا نقف مكتوفي الأيدي – فقد قمنا بتوسيع دائرة تعليم اللغة العربية في أرجاء إسرائيل، لاءمنا برامجنا التربوية، وأخيرًا خرجنا بهذا المشروع: “أبناء المكان”، بغية ترسيخ مدى ضراوة مس “قانون القومية” بالمجتمع العربي في وعي المجتمع اليهودي. ألقى رئيس الدولة رؤوبين ريفلين في شهر آيار من العام 2015 كلمة خلال مؤتمر جبعات حبيبة قال فيها: “ليس محكومًا علينا (يهودًا وعربًا) أن نعيش معًا بل وُلدنا لنعيش معًا”! هذا هو هدفنا، هذا مستقبل إسرائيل وقانون القومية يمس بذلك.

 

كلمة يهوديت ستلماخ، مديرة مشاريع في صندوق فريدريش ايبرت إسرائيل

يرى صندوق فريدريش إيبرت، كمؤسسة مبنية على قيم ومبادىء الاجتماعية الديمقراطية، بأن مبدأ المساواة هو مبدأ أساسي لا يمكن للديمقراطية أن تقوم بدونه. طبعا، نؤمن أنه لكي نحافظ ونطور حصانة المجتمع الإسرائيلي من الضروري أن يكون هناك حوار مفتوح، صريح وقائم على الاحترام بين جميع مكونات المجتمع يتيح لنا جميعًا أن نفهم بعضنا البعض بشكل أفضل، الأمر الذي من شأنه أن يبني علاقات متبادلة جيدة بين كل مواطنات ومواطني الدولة وأن يعمل على تعزيز تكاتف المُجتمع في إسرائيل.
أثار قانون القومية موجة ردود فعل هائجة وسط قطاعات واسعة داخل المجتمع العربي في إسرائيل وحتى لدى عديد من المواطنات والمواطنين اليهود. إلا أن إلى جانب ذلك – ظل عدد كبير من المواطنين والمواطنات اليهود غير مكترثين بمآلات هذا القانون – ربما نتيجة عدم اهتمام وربما لنقص المعرفة. نُريد أن نتوجه تحديدًا إلى هذا الجمهور وأن نلفت انتباهه إلى ما يعنيه هذا القانون وأثره على الأقلية العربية في إسرائيل وعلى جميع مواطني الدولة. أملنا هو أنه من خلال حوار مباشر بين المواطنات والمواطنين – يهودًا وعربًا، يمكننا أن نخلق جوًا من التضامن والاحتواء في الدولة يُتيح لنا جميعاً أن نشعر بأننا في بيتنا وأننا ننعم بحياة قائمة على المساواة في هذا المكان الذي يعتبر بيتنا المشترك – دولة إسرائيل.

تعرفوا علينا
عن قانون القومية

“قانون أساس الدولة القومية لليهود في اسرائيل
كثيرًا ما تم الحديث عن الادعاء أن القانون هو بمثابة انحراف متعمد عن روح وثيقة الاستقلال وأن هدفه هو إعادة تصميم طابع دولة إسرائيل كدولة يهودية والتي طابعها الديمقراطي هو ثانوي مقابل طابعها اليهودي. ولكن على ماذا يستند هذا الادعاء؟

تغلب الهوية اليهودية لدولة إسرائيل على هويتها الديمقراطية وإسقاط مبدأ المساواة
أكثر نقطة إشكالية في القانون هي أنه يحمي ويرفع هوية الدولة، كدولة قومية للشعب اليهودي، إلى مستوى قانوني دستوري عالي دون وضع الديمقراطية ومبدأ المساواة في مستوى موازٍ أمام القانون.

غياب واضح في القانون للاعتراف بالمساواة بالحقوق التامة لكل من ليسوا يهودًا، المبدأ الذي يجب أن يكون في قانون أساس كهذا يحدد هوية الدولة، معنى ذلك الابتعاد عن الطابع الديمقراطي للدولة ولأسس وثيقة الاستقلال. إن غياب ذكر هذه الأسس يعطي دلالة واضحة لمواطنة تفتقر للمساواة بين اليهود وغير اليهود. الرسالة للأشخاص غير اليهود هو بأن هذه الدولة ليست بيتهم، وليست لهم. ليس عبثًا عمل واضعو وثيقة الاستقلال بجد، إلى جانب تأكيد كل ما يدل على طابع الدولة كدولة قومية يهودية، على أن تتضمن الوثيقة أيضًا مبادئ وأسس مدنية وتطرقًا واضحًا للمواطنين العرب في إسرائيل، بما في ذلك نداء لهم لأن “”يساهموا ببناء الدولة على أساس مواطنة كاملة ومساواة وعلى أساس تمثيل مناسب في كل مؤسساتها، المؤقتة والثابتة””.
من المهم الاشارة: تحديدًا لأنه في تعريف الدولة لذاتها كدولة يهودية هناك إقصاء لمن هم غير يهود – الذين لا يمكنهم أن ينتموا للقومية اليهودية – هناك واجب مضاعف ملقى على الدولة بأن تتعامل بعدل ومساواة مع الأقليات الموجودة فيها.

في قوانين الدول التي تؤكد على طبيعة الدولة كدولة قومية، حين يهتم الدستور بأن يُشير بوضوح أن هذه “”دولة شعب”” محدد، إضافة إلى الإشارة إلى ذكر الحق بالمساواة والذي هو أمر مفهوم ضمنًا وموجود في كل دستور، هناك إشارة خاصة إلى حقيقة أن الدولة هي دولة الأقليات أيضًا، أو قرار آخر يقول بأن كون الدولة دولة قومية لا يجب أن يمس بحقوق الأقليات فيها. وهذا يرد في الفقرة الأولى المتعلقة بهوية الدولة ذاتها. هكذا حدث مثلاً في كرواتيا، في الصرب، في سلوفينيا، وحتى في هنغاريا التي تمر بعمليات “”قومنة””، فقد أشاروا إلى ذلك الأمر بوضوح في الدستور. لكن لدينا في إسرائيل من عام مضى “”قانون القومية”” موجود ولا يوجد ذكرٌ لهذا الأمر بعد.

إقصاء المُجتمع العربي والمس بمكانة الثقافة واللغة العربية

  • يتجاهل القانون بشكل كلي وجود الأقلية العربية في دولة إسرائيل. ماذا يُفترض بالمواطن العربي أن يُفكر حيال القانون الذي يُطرح على أنه حجر أساس وحتى أكثر من ذلك، المرتكَز، للدستور المستقبلي، حيث يقول القانون بأن إسرائيل تابعة بشكل حصري لليهود – أي، لكل يهودي في العالم ولكنها ليست تابعة للمواطنين العرب الذين يعيشون فيها؟
  • الإشارة الوحيدة في القانون للعرب هي ما يتعلق باللغة. غير أن تلك الإشارة تتحدث عن إلغاء مكانة اللغة العربية كلغة رسمية في الدولة وتحويلها إلى لغة ذات “”مكانة خاصة””.
  • في مثل قانون أساس من هذا النوع والذي يرتكز على تغليب حقوق جماعة الأغلبية، هناك تجاهل كامل لحق جماعة الأقليات بالحفاظ على ثقافتها وتراثها وتطويرها في إسرائيل، وهذا من الحقوق التي طالب بها اليهود في الشتات قبل قيام الدولة، ولا يزال يهود الشتات يطالبون بذلك، وبحق. لا يُعقل أبدًا ألا تتمتع الأقليات في إسرائيل بهذه الحقوق.

سيكون القانون العبري مصدر إلهام لتشريعات جديدة وأحكام قضائية
يُشار إلى أننا نتحدث عن حق “”ديني”” من أجل تقرير المصير (المادة 1 ب) فنرى هنا وبشكل واضح محاولة “”إعادة كتابة”” وثيقة الاستقلال وإنشاء بنية تحتية جديدة للقيم تختلف عن تلك التي تم التعبير عنها فيها. وفي هذا السياق، أضيفت لمسة دينية على الحق الطبيعي والتاريخي للشعب اليهودي وقرار جمعية الأمم المتحدة لتقرير المصير، والذي بموجبه تم الإعلان عن قيام الدولة كما جاء في الإعلان. يمكن أن يكون لهذه “”الإضافة”” تداعيات خطيرة على طابع الدولة وعلى تبرير تعزيز تأثير الدين على الدولة. هكذا تحصل إسرائيل على صبغة الدولة الدينية. قد يكون هذا التوصيف للدولة أساسًا للاستناد على الدين من أجل تبرير إجراءات إقصائية وقمعية، التمييز ضد أوساط مختلفة وإضفاء صبغة دينية على التعليم والحيز العام.

ستعمل الدولة على مسألة التوطين اليهودي في نطاقها، لكنها لن تلتزم بالبناء لقوميات أخرى
وفقًا للمادة 7 “”ترى الدولة بتطوير الاستيطان اليهودي قيمة وطنية عليا وستعمل على تشجيعه وتعزيزه””. جاء هذا البند من القانون لتبرير إقامة تجمعات سكنية لليهود فقط. بخلاف بنود أخرى في القانون النابعة مباشرة من طابع الدولة والتي لا تأثير مباشر لها على حقوق الإنسان، إن اعتماد الدولة وربما حتى التزامها بالتمييز بين مواطنيها استنادًا إلى خلفيتهم الإثنية، في مجال الاستيطان الهام، هو أمر مخالف تمامًا ويناقض مبدأ المساواة بين المواطنين.
يُشير هذا البند إلى أن قانون الأساس هذا يهدف للتمييز ضد العرب – وتمامًا في النقطة الحساسة هذه المتعلقة بالاستيطان والأراضي.

لتحميل قانون القومية كاملاً – اضغطوا هنا